1- إسلام زيد بن سعنة رضي الله عنه
* عن عبد الله بن سلام : أن الله لما أراد هدى زيد بن سعية قال زيد : لم يبق شيء من علامات النبوة إلا وقد عرفتها في وجه محمد صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا اثنتين لم أخبر هما منه : يسبق حلمه جهلة ، ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلما .
قال:فكنت أتلطف له لأن أخالطه فأعرف حلمه وجهله، فذكر قصة إسلافه للنبي صلى الله عليه وسلم مالا في ثمرة. قال : فلما حل الأجل أتيته فأخذت بمجامع قميصه وردائه وهو في جنازة مع أصحابه ، ونظرت إليه بوجه غليظ ، وقلت : يا محمد ألا تقضيني حقي ؟ فو الله ما علمتكم بني عبد المطلب لمطل.
قال فنظر إلا عمر وعيناه تدوران في وجهه كالفلك المستدير، قم قال: يا عدو الله أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع، وتفعل ما أرى ؟ فوالذي بعثه بالحق لو ما أحاذر لومه لضربت بسيفي رأسك.
ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمر في سكون وتؤدة وتبسم، ثم قال: " أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر، أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التباعة، أذهب به يا عمر فاقبضه حقه، وزد عشرين صاعاً من تمر ".
فأسلم زيد بن سعية رضي الله عنه، وشهد بقية المشاهد مع رسول الله.
درجات الحديث عند أه العلم.
صححة ابن حبان، والحاكم، وقال الحافظ المزي: هذا حديث حسن مشهور.
غريب القصة:
ـ زيد بن سعية: قال ابن عبد البر في الاستيعاب (1/543): " ويقال سعية بالياء والنون أكثر في هذا، كان من أحبار يهود، أسلم وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم مشاهد كثيرة. "
ـ معطل:
أي أهل تأخير وتسويف في وفاء الدين ! وجاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " مطل الغني ظلم ، فإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع " . رواه البخاري ومسلم .
التباعة: ما يترتب عليه من أثر.
ـ صاعا: الصاع مكيال يكال به الحبوب وغيرها، وقيل إناء يشرب به وهو أربعة أمداد، والمد هو ملء كفي الإنسان المتوسط إذا زملاء هما ومد يده بهما، وبه سمي مدا"
الفوائد والعبرة:
1- على الداعية أن يملك نفسه عند الإساءة إليه ويصبر ولا يعجل.
2- الغضب آفة ومدمرة في طريق الدعوة.
3- الحلم خصلة من خصال العقل، قال أبو حاتم البستي في روضه العقلاء (208): " الحليم عظيم الشأن، رفيع المكان، محمود الأمر، مرضي الفعل،
والحليم: اسم يقع على زم النفس عن الخروج عند الورود عليها ضد ما تحب إلى ما نهى عنه، فالحلم يشتمل على المعرفة والصبر والأناة والتثبت، ولم يقرن شيء إلى شيء أحسن من عفو إلا مقدرة، والحلم أجمل ما يكون من المقتدر على الانتقام ".
4- من صفات القائد الناجح مشاركة أصحابه في السراء والضراء.
5- على الداعية أن يلين الجانب مع أصحابه، ويبتسم في وجوههم عند التوجيه.
6- استحباب حسن أداء الدين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: إن خياركم أحسنكم قضاء " رواه البخاري.
7- وكالة الشاهد جائزة في قضاء الدين.
8- جواز المطالبة بالدين إذا حل أجله.
9- حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وعظيم حلمه وتواضعه وإنصافه.
10- إن من أساء الأدب على الإمام كان عليه التعزير بما يقتضيه الحال إلا أن يعفو صاحب الحق.
11- إن من عليه دين لا ينبغي له مجافاة صاحب الحق.
12- جواز وفاء ما هو أفضل من المثل المقترض إذا لم يقع شرطية ذلك في العقد فيحرم حينئذ إنفاقا وبه قال الجمهور. (8ـ12من فوائد الفتح 5/57).
13- حب النبي في قلوب الصحابة.